-
سعد الحامد لـ"ليفانت": خطوات ولي العهد محمد بن سلمان انعطافة سياسية طموحة لمشروع النهضة ٢٠٣٠
- الانحياز بالحرب الروسية الأوكرانية، غير منطقي ويترتب عليه الأضرار بمصالح كبيرة
- الرياض تتمسك بلعب دور محوري هام في استقرار اسعار النفط
- مواقف المملكة تتوافق مع مصالحها الوطنية في تعاطيها مع الغرب
- تشويه صورة المملكة سببه الخوف من انعكاسات الانتخابات النصفية القادمة علي الرئيس الامريكي وحزبه الديمقراطي
- هناك استراتيجيات وسياسات مختلفة تنتهج مع الحوثيين وبشكل واضح منذ رفع الحوثيين من قوائم الارهاب الخاصة بالولايات المتحدة
- لا ننسى سلبية واشنطن في التخلي عن حلفائها في المنطقة، بشكل ساعد طهران، لزيادة حدة سلوكها العدواني
- نجحت المملكة في التخطيط بعيد المدى بإيجاد سياسات هادفة لتنويعه مصادر الدخل
- إحداث فراغ للتواجد الامريكي في المنطقة استغلته الصين بأدواتها الناعمة
- المملكة ترغب بتنويع سلة شراكاته بشكل يخدم مصالحها بشكل كبير
- ضعف الوجود الامريكي من عدمه لم يعد يمثل هاجس
- المملكة لديها قيادة حكيمة تدرك حجم الاخطار المحيطة، ولن تستجيب لأي ضغوطات
- لن تتوقف سياسة ومصالح المملكة على أي دولة
تمثل المملكة العربية السعودية في اللحظة الراهنة نموذجاً رائداً على المستوى الإقليمي والدولي، إذ إنّها تصنع رؤية سياسية واستراتيجية لمستقبلها وتتخذ انعطافات نحو الإصلاح والتغيير لجهة إحداث تطوير يشمل البنى والأفكار وإيجاد حوامل للنهضة التي تحققها إدارة شابة وطموحة، ويخطو الأمير محمد بن سلمان ولي العهد السعودي على أعتاب هذا الصعود والتحقق الذي يترك آثاره في العمران والاقتصاد والسياسة، محلياً وخارجياً.
وفي حوار مع "ليفانت نيوز"، يوضح الكاتب والمفكر السياسي السعودي سعد الحامد، أن المملكة خطت خطوات سريعة ومتلاحقة انطلاقاً من مستهدفات رؤية المملكة 2030، والتي شملت العديد من الجوانب السياسية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية، والتي حرصت حكومة المملكة على تبنيها بما يسهم في حركة النهضة والتطور المنشود خلال السنوات القادمة.
وقد حرصت مبادئ رؤية 2030 التي تم وضعها على استهداف الوصول الي ذلك الاقتصاد المزدهر من خلال تسخير كافة الإمكانات انطلاق من توفير بيئات الاعمال الجاذبة، وكذلك توسيع تلك القاعدة الاقتصادية التي تكفل خلق العديد من الفرص لأبناء هذا الوطن وأصحاب، الكفاءات منهم والتركيز على تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل برغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة عالمياً، واهمها تباطؤا الاقتصاد العالمي مثلاً.
وبالرغم من ذلك فان فتح الاستثمار وتنوعه في عدة مجالات جديده سيسهم بشكل كبير بتحسين بيئة الاعمال واعادة هيكلة المدن الاقتصادية وتحرير سوق الطاقة لتحسين القدرة التنافسية بل وتحفيز عملية التحول الصناعي وزيادة صادرات الشركات وكذلك الاستفادة من الامكانات المتوفرة في مجال الطاقة لا إنجاح تلك الخطوات اضافه الي تخصيص العديد من الجهات الحكومية والاستغلال الامثل للموقع الجيواقتصادي للمملكة كمفترق لطريق التجارة بين القارات الثلاث اسيا وافريقيا وأوروبا، مما يعزز من ايجاد شراكات استراتيجية هامه وزيادة عملية التبادل التجاري.
وكل ذلك يلقي بظلاله على الجانب السياسي بشكل كبير حيث ان ذلك سيحدث انفتاح سياسي إيجابي بشكل أكبر لتحقيق المصالح المستقبلية المنشودة ويعزز من علاقات المملكة بالعديد من الدول والاستفادة من كل الفرص المطروحة، حيث عززت تلك الجوانب زيارة ولي العهد للفلبين وللصين ولليونان ولكوريا لتفتح افاق من التعاون في شتى المجالات وللاستفادة من كل الفرص الاستثمارية والاقتصادية والصناعية.
وفيما يلي نص الحوار كاملاً:
تمثل رؤية المملكة 2030 خطوة باتجاه تنويع اقتصادها الذي لا يقوم على الاعتماد النفطي فقط. برأيك ما هي تداعيات ذلك على السياسة السعودية؟
"بداية ارحب بكم واتاحتكم هذه الفرصة لي اجراء هذا الحوار الذي اتمني ان يحوز رضا متابعيكم الكرام مما لاشك فيه بان حكومة المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده الامير محمد بن سلمان خطت خطوات سريعة ومتلاحقة انطلاقا من مستهدفات رؤية المملكة 2030 والتي شملت العديد من الجوانب السياسية والتنموية والاجتماعية والاقتصادية، والتي حرصت حكومة المملكة علي تبنيها بما يسهم في حركة النهضة والتطور المنشود خلال السنوات القادمة وقد حرصت مبادئ رؤية 2030 التي تم وضعها على استهداف الوصول الي ذلك الاقتصاد المزدهر من خلال تسخير كافة الإمكانات انطلاق من توفير بيئات الاعمال الجاذبة".
"وكذلك توسيع تلك القاعدة الاقتصادية التي تكفل خلق العديد من الفرص لأبناء هذا الوطن واصحاب الكفاءات منهم والتركيز علي تنويع الاقتصاد ومصادر الدخل برغم الصعوبات الاقتصادية الكبيرة عالميا واهمها تباطؤا الاقتصاد العالمي، مثلاً وبرغم من ذلك فان فتح الاستثمار وتنوعه في عدة مجالات جديده سيسهم بشكل كبير بتحسين بيئة الاعمال واعادة هيكلة المدن الاقتصادية وتحرير سوق الطاقة لتحسين القدرة التنافسية بل وتحفيز عملية التحول الصناعي وزيادة صادرات الشركات وكذلك الاستفادة من الامكانات المتوفرة في مجال الطاقة لا إنجاح تلك الخطوات اضافه الي تخصيص العديد من الجهات الحكومية والاستغلال الامثل للموقع الجيواقتصادي للمملكة كمفترق لطريق التجارة بين القارات الثلاث اسيا وافريقيا واوروبا، مما يعزز من ايجاد شراكات استراتيجية هامه وزيادة عملية التبادل التجاري".
"وكل ذلك يلقي بظلاله علي الجانب السياسي بشكل كبير حيث ان ذلك سيحدث انفتاح سياسي إيجابي بشكل اكبر لتحقيق المصالح المستقبلية المنشودة ويعزز من علاقات المملكة بالعديد من الدول والاستفادة من كل الفرص المطروحة حيث عززت تلك الجوانب زيارة ولي العهد للفلبين وللصين ولليونان ولكوريا، لتفتح افاق من التعاون في شتى المجالات وللاستفادة من كل الفرص الاستثمارية والاقتصادية والصناعية المتاحة لدي تلك الدول بما يحقق التنوع الاقتصادي المأمول والاستفادة من تجارب تلك الدول وفي المحصلة فأن السياسة الخارجية السعودية اصبحت برغماتية بشكل امثل يخدم مصالح المملكة ويسهم في تحقيق الرفاه المنشود وهو ما شدد عليه سمو ولي العهد، بأن ما يحدد سياستنا هو مصالحنا الوطنية كما ان رغبة المملكة بأن تكون من ضمن افضل اقتصادات في العالم، هو امتداد لسياسة المملكة بل ويسخر كل الامكانات للوصول إلى هذا الهدف أن تصبح المملكة مركز لصنع القرار في منطقة الشرق الاوسط انطلاقاً من ثقلها سياسياً واقتصادياً واستراتيجياً وهو ما تتبلور ملامحه الان وما يشعرنا بالفخر بان نجاحات رؤية المملكة 2030، جعلها فكره يتم استلهامها من العديد من دول المنطقة ونقطة جذب يتم الاستفادة منها في جميع الشراكات الاستراتيجية التي تقوم بها المملكة حالياً ومستقبلياً".
منذ اندلاع الحرب الأوكرانية الروسية والذي على ما يبدو تؤشر إلى حدوث تغييرات جيوسياسية في قمة العالم، بدت دول الخليج، وعلى رأسها السعودية، تتخذ مواقف مغايرة وغير تقليدية بشأن تعاطيها مع الغرب وأميركا وكذلك موسكو، وهذا الموقف أو الاصطفاف السياسي ينطلق من المصالح وليس التبعية لأي طرف، هل من توضيح لهذا الأمر؟
"الحرب الروسية الأوكرانية بالفعل اوجدت مناخ سياسي دولي مضطرب وكانت انعكاساته علي كل الجوانب الاقتصادية والسياسية والعسكرية، وأوجد اصطفافان تتماها مع مصالح الدول وخاصه ان هذا الصراع له دوافعه الجيواستراتيجية بين كلاً من الولايات المتحدة وروسيا والصين، في إطار فرض الهيمنة وصراع النفوذ دولياً لذلك اعتقد أن ما قامت به دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية من انتهاج الحياد، لأن الانحياز إلى أحد أطراف هذا النزاع على حساب الاخر، يعتبر غير منطقي ويترتب عليه الأضرار بمصالح كبيره مع تلك الدول العظمى".
"ومن هذا المنطلق، منذ بداية الصراع كانت مواقف المملكة وكذلك دول الخليج حيادية بشكل واضح وتتماشي مع قرارات الامم المتحدة بأن أي نزاع لابد أن يتم تسويته من خلال مبادئ ميثاق الامم المتحدة وبالطرق السلمية التي تتنافي مع التدخل العسكري وانتهاك سيادة أي دولة عضواً في الامم المتحدة وانطلاقاً من ذلك كانت مواقف المملكة ودول الخليج حيادية من هذا النزاع حتى عندما حاول الرئيس الامريكي جوي بايدن أن يكون لمنظمة اوبك مواقف غير حيادية زيادة إنتاج النفط حاولت المملكة أن تناءى بنفسها".
"وكذلك أوبك وأن تجعل تغليب مصلحة المنتجين والمستهلكين هو الهدف الرئيسي بناء علي التقديرات التوقعات المستقبلية ومعدلات النمو الاقتصادي عالميا إضافة إلى أن الرياض لازالت تتمسك بلعب دور محوري هام في استقرار اسعار النفط كي لا تكون هناك هزات كبيرة كما حدث في أسعار النفط في أزمة كورونا وانخفاض أسعار النفط والتذبذبات في أسعار النفط، وكذلك الأزمة الاقتصادية عالمياً 2008، وتأثر أسعار النفط مثلاً، ولا شك أن مواقف المملكة تتوافق مع مصالحها الوطنية في تعاطيها مع الغرب، كما أن الغرب يفعل ذلك ايضاً، وهو حق مكفول لأي دولة".
كيف ترى هجوم أميركا على المملكة بشأن أزمة النفط وقرار "أوبك بلس"؟، ولماذا برأيك الهجوم الآن وملابساته أو بالأحرى كواليس السياسية والإقليمية؟
"لا يوجد أي مبرر لهذا الهجوم في هذه الفترة، لأن المملكة عضو ضمن 23 دولة، والمملكة لطالما كانت ضامن لاستقرار أسواق النفط عالمياً، وللأسف دوماً واشنطن تبحث عن مخرج لأزماتها السياسية والاقتصادية عبر اختلاق مثل هذه الأزمات لتبرير الفشل الذريع خارجياً وداخلياً، والذي بداء يلمسه المواطن الامريكي بشكل واضح".
"فمثلاً أظهر استطلاع رأي أجرته رويترز/ إبسوس، بأن شعبية الرئيس الأمريكي قد انخفضت إلى 36% في مايو/أيار ويونيو/حزيران الماضيين، مما زاد التوقعات بفقدان حزبه الديمقراطي السيطرة على مجلس النواب في نوفمبر/تشرين الثاني القادم، وربما أيضاً على مجلس الشيوخ".
"من خلال تراجع شعبية الحزب الديمقراطي، وكذلك الرئيس الامريكي جوى بايدن، وهذا يقودنا إلى مسالة مفصلية، وهي أن دوافع تلك الهجمة الإعلامية بهدف تشويه صورة المملكة هو الخوف من انعكاسات الانتخابات النصفية القادمة علي الرئيس الامريكي وحزبه الديمقراطي بسبب التداعيات الاقتصادية التي أضرت بالمواطن الأمريكي، من تضخم وارتفاع أسعار الوقود ورفع الفائدة وغيرها من الأزمات، ليتم الهروب منها وتوجيه الانتقادات والاتهامات جزافاً للمملكة، وهو ما تعودناه منذ قدوم إدارة بايدن وحديثه عن أنه سيجعل المملكة منبوذة مثلاً، ولن يبيع لها السلاح، وموقف بايدن من طهران ومحاولة عقد اتفاق نووي جديد معها، والموقف من الحرب في اليمن ورفع الحوثيين من قوائم الإرهاب، والحملات الإعلامية بين الحين والاخر التي تستهدف قضية جمال خاشقجي من قبل الديمقراطيين والحقوق والحريات داخل المملكة، بهدف تشويه صورة المملكة والتلويح بعقوبات في حال شراء أسلحة من روسيا والصين، تلك مواقف خلف الكواليس، وتراكمات توجهات اليسار الديمقراطي السياسية تجاه المملكة".
ثمة مواقف براغماتية للإدارة الديمقراطية تعاكس مقولاتها في السياسة التي تقف على النقيض من الإرهاب، كيف ترى ذلك فيما يخص الموقف من الحوثي باليمن؟
"بالفعل منذ استلام الرئيس الامريكي جو بايدن لمهام عمله كرئيس للولايات المتحدة، وهناك استراتيجيات وسياسات مختلفة تنتهج مع الحوثيين وبشكل واضح منذ رفع الحوثيين من قوائم الارهاب الخاصة بالولايات المتحدة، مما دفع الحوثيين للاستمرار في أعمال الإرهاب الدولي وانتهاك كل القوانين والأعراف الدولية والتمادي في تهديد الامن الاقليمي والامن القومي السعودي واستهدف حتى مصادر الطاقة والأعيان المدنية في اليمن وفي المملكة العربية السعودية، وليزداد دعمهم من قبل طهران بالأسلحة والخبراء والمعدات العسكرية".
"ولا ننسى عملية تهريب المخدرات عبر حزب الله اللبناني للمملكة ودول الخليج والتغلغل الايراني من خلال ميلشياتها حتى حدود وسوريا، والتهديدات للحدود الأردنية ايضاً، ورافق ذلك تقديم تنازلات أمريكية عديده لنظام طهران، خلال جلسات مفاوضات الاتفاق النووي، ورأينا كيف كانت هناك استهدافات لقواعد عسكرية أمريكية في العراق، وثكنات عسكرية من جانب وكلاء إيران في العراق، من ميليشيات إيران بشكل صريح وواضح".
"وكانت ردود واشنطن سلبية، بداعي تفضيلها للحلول الدبلوماسي ورغبتها بإعادة احياء الاتفاق النووي الإيراني، وانه هو طريق السلام مع طهران وضمان استقرار المنطقة، وقد ساهمت سلبية سياسات بايدن تجاه الحوثيين في إعطاءهم فرصه كبيره لزيادة عبثيتهم بشكل صريح، ولا ننسي سلبية واشنطن ايضاً في التخلي عن حلفائها في المنطقة، بشكل ساعد طهران، لزيادة حدة سلوكها العدواني في المنطقة، الا أن دول الخليج فهمت الدرس جيداً وأخذت تعتمد علي نفسها بشكل أكبر، وتفتح أفق للتعاون على كافة المجالات، لتحقيق تكامل اقتصادي استراتيجي نوعي يخدم مصالحها، ويستغل دورها الجيواقتصادي والجيوسياسي والجيوإستراتيجي وبشكل فاعل، بل إن ذلك ساعدها للانفتاح بشكل أكبر على روسيا والصين، من أجل خدمة مصالحها".
لماذا لا تتخذ واشنطن مواقف متشددة بشأن قرصنة الحوثي المتكررة وتهديد الملاحة الدولية، والذي يبعث بأزمات فيما يخص ممرات الطاقة للغرب؟
"التخبطات السياسية المتتالية في التعامل مع ملف اليمن تثير الاستغراب من بعض مواقف ادارة بايدن منذ توليه زمام الامور في البيت الابيض وطريقة التعامل مع ملف اليمن والحوثيين، ولكن الان بعد أزمة الطاقة وارتفاعات أسعار النفط وتأثيرها بشكل واضح علي واشنطن و أوروبا، بسبب حظر استيراد النفط الروسي، وكذلك توقف امدادات الطاقة الروسية لأوروبا، بسبب العقوبات المفروضة على روسيا وتغيرت سياسات واشنطن وفي ظني بأن تهديد الحوثيين بضرب مصادر الطاقة وإمدادات النفط قد يفاقم من مشكلة الغرب في ظل استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، وسيتطلب بشكل اكبر تكاتف المجتمع الدولي ضد أي محاولات قد تخل بأمن الطاقة أو أمن إمدادات النفط وتنديد مجلس الامن الأخير باستهداف الحوثيين لميناء الضبه اليمني دليل واضح، واليوم تصريحات المانيا بإمكانية إدراج ميليشيات الحوث كجماعة ارهابية يوضح مخاوف الغرب من أي تهديد لمصادر الطاقة في هذه الفترة الحرجة ولعل تساهل واشنطن السابق وفي ردع الحوثيين سيتغير الان لخدمة حلفاءه من الغرب فقط أن ننسى أن طهران، هي المستفيد من تهديد الممرات البحرية على الدوام لخدمة مصالحها بالضغط علي واشنطن لتحقيق سقف أكبر من المطالب فيما يخص البرنامج النووي الايراني ورفع العقوبات الاقتصادية عنها ولكن باعتقادي القادم مختلف جداً".
برأيك، هل سوف تتأثر العلاقات بين الرياض وواشنطن على خلفية قرار أوبك بلس بتخفيض النفط؟
"مرت العلاقات السعودية الأمريكية بأزمات عديده ابتداء من ازمة النفط في عهد الملك فيصل وأحداث 11 سبتمبر، وكذلك الحملة التي شنها بعض الاعلام الامريكي والديمقراطيين بين الحين والاخر في قضية الصحفي جمال خاشقجي والتقارير التي كانت تحاول الإساءة للمملكة من خلال ملف الحقوق والحريات داخل المملكة، وكذلك مواقف واشنطن من تدخلات إيران في شؤون دولنا العربية من خلال زرع وكلائها لضرب استقرار تلك الدول وكذلك برنامج الصواريخ الباليستية والبرنامج النووي الذي يمثل قنبلة موقوتة تهدد امن هذه المنطقة".
"وبرغم ما يشنه الاعلام الامريكي وخصوصاً المحسوب علي الحزب الديمقراطي والمطالبات بتشريع قانون نوبك وحضر مبيعات الأسلحة للمملكة، وما نشهده من تصعيد اعلامي بعد قرار أوبك بلاس، لازلت اعتقد بأن واشنطن لن تكرر أخطاءها السابقة وخصوصاً بعد نتائج الانتخابات القادمة وخاصة مع الرياض، لكي لا تضحي بعلاقاته الاستراتيجية مع الرياض ودول الخليج، كما أن قرار أوبك هو شأن أوبك كمنظمة متخصصة تحكمها سياسات وتقديرات مستقبليه فيما تقوم به وقرارتها اقتصادية، ويجب أن لا تنحاز لا أحد من الدول لأنها تركز على تحقيق استقرار أسعار النفط دون وجود نظره إقصائية أو تعمد الأضرار بمصالح أحد، وبناء على ذلك باعتقادي أن العلاقات أبعد في عمقها ومتانتها من التأثر بمواقف أحادية قد يغديها اعلام مدفوع ومسيس ضد المملكة مثلاً".
صندوق النقد الدولي يشير في توقعاته إلى أن اقتصاد السعودية هو الأعلى نمواً، كيف توضح لنا هذه النتائج الإيجابية على مستوى الإدارة السياسية والاقتصادية الرشيدة؟
"هو شيء يثير الفخر والاعتزاز، حيث نجحت المملكة في التخطيط بعيد المدي بإيجاد سياسات هادفه لتنويعه مصادر الدخل والتعافي من تبعات جائحة كورونا، بسبب قوة ومتانة السيولة المالية العامة وحجم الاصلاحات في إطار رؤية المملكة 2030، ولا ننسى كذلك ارتفاعات أسعار النفط واحتواء مستويات التضخم، وذلك يؤكد قوة وصلابة القطاع المالي، وكذلك أثر الاستراتيجيات الرشيدة والحوكمة ومكافحة الفساد في ضبط نسق الميزانية العامة".
"واستطاعت تلك السياسات أن تخلق جو استثماري جاذب، ويتضح ذلك من حجم المشاريع التي يتم استقطابها، ولا نذهب بعيداً فمبادرة مستقبل الاستثمار في السعودية، التي اقيمت اخيراً شاهد على ذلك ومنطلق ايضاً لتنويع الاستثمارات في السعودية، وقد وضح صندوق النقد ذلك وأن معدل النمو في عام 2021 بلغ 3.2% ليصل حجم النمو وفق تقديرات صندوق النقد الى 7.6% وانعكس ذلك على ارتفاع معدلات توظيف القوي العاملة، وكل ذلك برغم ما يشهده الاقتصاد العالمي نتيجة الحرب الروسية الاوكرانية وتباطؤ النمو العالمي لهذا العام".
وهل يمكن في الإطار ذاته توضيح أن قرار أوبك بلس لا يمكن أن يتحرك إلى ما هو أبعد من مجرد الحفاظ على أسعار النفط؟
"الواقع يقول أن قرار أوبك بلاس، قرار من منظمه اقتصادية متخصصة تتخذ قراراتها بناء علي ما يخدم الاقتصاد العالمي دون اضرار بالمنتجين أو المستهلكين، وتنبؤات صندوق النقد الدولي تقول أن وضع الاقتصاد العالمي القادم ضبابي ومعدلات النمو للسنة الحالية تشهد تباطؤاً للاقتصاد العالمي ولماذا ستفكر دول أوبك أو المملكة مثلاً للأضرار بواشنطن ولديها شراكات استراتيجية معها منذ 8 عقود، وفي هذا السياق لابد أن استذكر تصريح الأميرة ريم بنت بندر بن سلطان بن عبدالعزيز سفيرة المملكة في الولايات المتحدة، بأن المملكة تشارك كميزان وعامل استقرار للاقتصاد من خلال سوق الطاقة وهو موقفنا تاريخياً ولا نتدخل سياسياً في شؤون احد".
منذ ثمانية عقود والسعودية والولايات المتحدة على علاقات متينة واستراتيجية من الناحية الاقتصادية والتجارية الاستثمارية وكذا ملفات مثل مكافحة الإرهاب ودعم استقرار الشرق الأوسط، برأيك ما الثابت والمتغير في هذه العلاقة على مدار هذه السنوات؟
"الثابت هو تلك العلاقات الاستراتيجية الوطيدة والمصالح المشتركة خلال 8 عقود، والمتغير هو لغة السياسة وهي المصالح المتغيرة وفق الظروف الدولية ووفق رؤية قيادة كل دولة يجب أن تدرك الإدارة الأمريكية إنها تخاطب الآن قيادات شابة طموحة مختلفة في أفكارها وتوجهاتها وانفتاحها نحو العالم بشكل أكثر مرونة وسلاسة، لتبحث عن مصلحة وطنها وتحقق مستهدفات رؤيتها الطموحة 2030".
"كما أن فكرة النفط مقابل الحماية كما أشارت الأميرة ريم بنت بندر بن سلطان سفيرة المملكة في واشنطن، قد تغيرت وانتهت إلى لا عودة، وبالتالي فإن إعادة تقييم العلاقات السعودية الأمريكية علي هذا الاساس هو الآن المنطلق الذي يحكم علاقة البلدين بصوره أمثل ولازالت المملكة على رأس دول الشرق الاوسط الداعمة للاستقرار والسلام وتحقيق ذلك بالطرق السلمية، حتى في قضية فلسطين أو اليمن ولازالت المملكة تتمتع بعلاقات استثمارية وتجارية واقتصادية ايجابية مع واشنطن، برغم التوترات التي تمر بهذه العلاقات من فترة إلى أخرى".
وإلى أي حد يمكن أن نصنف تهديد أعضاء الكونغرس بتجميد صفقات الأسلحة باعتبار ذلك من شأنه إضعاف الوجود الأميركي بالمنطقة وإحداث الفراغ الذي يؤدي إلى تهديد مصالحها بالأساس أكثر منه لي ذراع المملكة أو الضغط عليها؟
"هو فعلاً تجسيد للواقع بداية من الانسحاب من افغانستان بطريق سلبية فيها ضعف كبير، ومن ثم إطلاق تصريحات بتخفيض الوجود العسكري وسحب بطاريات الباتريوت من دول الخليج، والسلبية المفرطة في التعامل مع قضايا المنطقة كحرب اليمن والتدخل الايراني في لبنان وكذلك العراق والبرنامج النووي الايراني وبرنامج الصواريخ الباليستية وخطرها على الامن القومي السعودي والخليجي وأمن المنطقة ككل".
"والحقيقة أن كل ما سبق ساهم بشكل كبير في إحداث فراغ للتواجد الامريكي في المنطقة استغلته الصين بأدواتها الناعمة، التي نجحت الي حد كبير بعقد شراكات واستثمارات وتوطيد علاقاتها بدول المنطقة حتى ايران استطاعت أن تفتح معها علاقات استراتيجيه طويلة الأمد وروسيا لديها نفس البعد من حيث علاقات وشركات استراتيجية، والمملكة ترغب بتنويع سلة شراكاته بشكل يخدم مصالحها بشكل كبير ويعود علي تنويع مصادر دخلها، وكذل تطمح الي شراكات وتحالفات تواكب الطفرة الاقتصادية والاستثمارية التي تعيشها لتحقيق التنمية المستدامة والرفاه المنشود ولعل النظرة التكاملية المنفتحة في سياسة المملكة هي سبيل ذلك لاشك، والاستفادة من أي تجارب وخبرات خارجية هو سبيل لتحقيق التطور في جميع لمجالات لمواجهة الاخطار والتحديات في المنطقة، وأولها الخطر الإيراني".
"لذلك فإن ضعف الوجود الامريكي من عدمه لم يعد يمثل هاجس، فالمملكة ودول الخليج قررت اعتماد سياسة الاعتماد علي النفس والبحث عن مصالحها، ولاشك أن واشنطن أدركت حجم أخطاءها عندما ادارت ظهرها لحلفائها في المنطقة، ورأينا كيف ان الرئيس الامريكي جو بايدن جاء للرياض وعقد قمه سعودية أمريكية وعقد قمة خليجية عربية، لكي يستدرك أخطائه السابقة حيال المملكة والمنطقة ككل، والتي أضرت بمصالح أمريكا في المنطقة وقد أختلف معك، فالمملكة لديها قيادة حكيمة تدرك ما حجم الاخطار المحيطة، ولن تستجيب لأي ضغوطات تملى عليها، فهي دولة ذات سيادة واستقلالية وسلطة، وتخضع لميثاق الأمم المتحدة وتتحرك وفق مصالحها الوطنية".
ما هي استراتيجيات وبدائل المملكة فيما يخص انفتاحها السياسي والإقليمي لا سيما في ظل الرهانات الجديدة والتحولات الجيوستراتيجية بالعالم؟
"المملكة دولة اقتصادية بمرتبة متقدمة، والآن هي ضمن دول الاقتصادية الرائدة وضمن مجموعة العشرين، بل أن عدة منظمات اقتصادية تخطب ودها كمنظمة كشنغهاي وبريكست على سبيل المثال، ومن الناحية الاستراتيجية والسياسية، فقد أشار ولي العهد سابقاً إلى أن المملكة منفتحة على مصالحها الوطنية مع مراعات التحولات الجيوستراتيجية عالمياً".
"وبالتالي من يحدد البوصلة وتوجهها هي تلك المصالح، وهو أمر غير مستغرب، فالصين وروسيا ودول شرق آسيا وتركيا، كلها لديها إمكانات وشراكات ورغبة ملحة كما أشرت لتفعيل جوانب اقتصادية واستثمارية وتجاريه بشكل عاجل مع المملكة، وواقع التغير والتطور الذي تشهده المملكة على كل النواحي يواكبه انفتاح سياسي يسهم بشكل كبير في تحقيق الاهداف الاستراتيجية طويلة الامد التي تصب في مصلحة تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030 وذلك يعتبر من الجوانب التي ستساعد بشكل كبير علي زيادة الدخل المحلي وتنويع بيئة الاستثمار والاستفادة بشكل كبير ونقل الخبرات للمملكة مما سيسهم بتحقيق التنمية المستدامة وتحقيق الاكتفاء الذاتي الذي يجعل المملكة دوله اقتصادية وصناعية بامتياز، لتنقل وتصدر خبراتها أيضاً لغيرها من الدول".
"وبالتالي لن تتوقف سياسة ومصالح المملكة على أي دولة، ورؤية المملكة 2030 مستهدفاتها تتطلب تكاتف الجهود لتحقيق الرفاه والتطور والنمو الذي تنشده قيادتنا الحكيمة، ولتكون خارطة طريق في ظل فوضى التغيرات العالمية في العلاقات وفي الصراعات ولغة المصالح التي تحركها الواقعية الدولية".
تبدو المملكة في لحظة سياسية مهمة منذ انطلق الأمير محمد بن سلمان في خطواته التجديدية والإصلاحية على المستوى الاجتماعي، كيف ترى هذا المشروع الطموح للأمير الشاب وتأثيراته على المجتمع ومشاركته في التطوير والتجديد؟
"نعم المملكة الآن تعيش مرحلة نهضوية مختلفة تتطلب تكاتف الجهود وكان للخطوات التجديدية التي قام بها الأمير محمد بن سلمان للتغير في جميع النواحي الحياتية علي كافة الأصعدة سواء الجوانب التشريعية والاجتماعية أو الثقافية أو التنموية أو الاقتصادية والسياحية والتعليمية، نجاح واضح ونلمس ذلك في حماس الشباب وانخراط العقول الشابة في كل نواحي الحياه وإيمانهم بأهمية إيجاد وجه أخر أكثر حداثة للمملكة اجتماعياً واقتصادياً واستثمارياً ليسهم ذلك بشكل كبير في تعزيز مبادئ قيمنا وثقافتنا وتعاليم ديننا السمحة واخلاقنا، ويسهم بتغيير انماطنا الاجتماعية بشكل ملموس، وقبولنا الثقافات الأخرى والانفتاح أكثر عليها والاستفادة من إيجابياتها بما يخدم هذا الوطن، ويسهم في تطور نمطه المعيشي، وهو مشروع وخارطة طريق للوصول للسعودية الحديثة العظمى التي تقارع الدول العظمى في كل النواحي التنموية المستقبلية".
ليفانت-خاص
قد تحب أيضا
كاريكاتير
تقارير وتحقيقات
الصحة|المجتمع
منشورات شائعة
النشرة الإخبارية
اشترك في قائمتنا البريدية للحصول على التحديثات الجديدة!